بدأ اهتمام الإنسان منذ القدم في دراسة أنواع التربة ومكوناتها، فمنذ نشأته وجد الإنسان القديم نفسه بحاجة لتوفير مأوى يسد عنه برد الشتاء ويمنع عنه حر الصيف، الأمر الذي جعله ينحت بالصخر لتوفير مأوى في الجبل، أو إستخدام الكهوف الجاهزة، وفي كثير من الأحيان إضطر لبناء مسكنه بنفسه، فتارة استخدم الأشجار والنباتات في بناء مسكنه، وتارةً أخرى استخدم الطين والصخور لتكوين مسكنه.
والإنسان يسعى بطبعه إلى تطوير حياته، وإيجاد البدائل التي تجعل مسألة البناء أسهل مع كل مرحلة ينتقل إليها، فبالرجوع إلى تاريخ الإنسان القديم نجد أنه انتقل من مرحلة البناء الأفقي إلى البناء العمودي، وبرع الإنسان في هندسة البناء، ومع تطور الأدوات وظهور المعدات والوسائل التكنولوجية التي فتحت آفاقا جديدة أمام الإنسان لاكتشاف خصائص المواد القديمة والعمل على إيجاد مواد جديدة ناتجة عن تركيب المواد التقليدية، وجد الإنسان نفسه أمام تطور هائل في إنشاء ناطحات السحاب والبنى التحتية القوية.
إن التربة بصفتها محدد أساسي من محددات البناء تعتمد عليها كل التصاميم الهندسية أوجدت تحدٍ أمام الإنسان بضرورة اكتشافها قبل البدء بتصميم أي عنصر إنشائي، وقد ظهر مفهوم الجسة بالتزامن مع تطور أنظمة البناء، والجسة هي طريقة لإستكشاف مكونات التربة والتي سيبنى عليها قدرة التربة على تحمل وزن البناء الجديد فوقها من جهة، وتحديد عامل جديد في زيادة تكلفة البناء في حالة عدم قدرة التربة على تحمل أوزان البناء من جهة أخرى، تنبع زيادة التكلفة المذكورة سابقا في حال أصر الإنسان على البناء على تربة رخوة ضعيفة ولأسباب عديدة.
تنقسم التربة لعدة أنواع بالإعتماد على حجم جزيئاتها إلى الأنواع التالية: –
1. تربة طينية:
وهي أضعف أنواع التربة وأقلها ملائمة للبناء عليها، وذلك لما تحتويه هذه النوعية من التربة على الإنتفاش وزيادة حجمها عند تعرضها للماء، الأمر الذي يهدد سلامة البناء وعدم استقرار وثبات العناصر الإنشائية الملامسة لها والتأثير على ثبات المبنى ككل.
2. تربة رملية:
تعتبر التربة الرملية أفضل أنواع التربة ملائمةً للبناء عليها، لما تحتويه هذه التربة من قدرة عالية على نفاذية الماء خلالها وعدم إحتفاظ التربة بالماء، حيث يرجع تفكك حبيبات التربة إلى جزيئات يكون حجمها أكبر بكثير من حجم التربة الطينية إلى رفع عامل النفاذية بها.
3. تربة صخرية:
تقترب التربة الصخرية في مميزاتها وملائمتها للبناء من التربة الرملية، حيث تستطيع التربة الصخرية تحمل أوزان بشكل مضاعف من تلك التي تستطيع التربة الرملية تحملها، لكن يُعاب على التربة الصخرية إمكانية إحتوائها على تجاويف تجعل من قوتها في لحظة من اللحظات وعند فشلها إلى أضعف أنواع التربة، ومن هنا ظهرت أهمية عمل جسات في جميع أنواع التربة للحصول على صورة عما يحتويه باطن الأرض من جوانب خفية قد تكون كارثية.
لكن ماذا لو كان البناء ضروريا في تربة طينية؟ يتم اللجوء في هذه الحالة إلى إستبدال طبقة من التربة الرخوة بسماكة محددة بطبقة أخرى تمتلك مواصفات أعلى في قدرتها على تحمل أوزان المباني فوقها، تسمى هذه العملية بإحلال التربة، من أكثر المواد شيوعا المستخدمة في عمليات إحلال التربة هي مادة البيسكورس، وهي مادة زلطية يتنوع فيها التدرج الحبيبي من المقاسات الصغيرة إلى الكبيرة فالأكبر، أصل هذه المادة هو الصخور التي جرى تفتيتها في المعامل الخاصة للحصول على التدرج الحبيبي المطلوب. المادة الثانية الشائعة الإستخدام هي مادة الكركار، وهي مادة على هيئة رمل متحجر، جدير بالذكر أن مواد الإحلال للتربة تختلف من منطقة لمنطقة بناءا على طبيعة المواد الملائمة والمتوفرة.